google.com, pub-2553356429154574, DIRECT, f08c47fec0942fa0 الشركات العملاقة : الشركات العملاقة في العالم

الشركات العملاقة : الشركات العملاقة في العالم

الشركات العملاقة في العالم


الشركات العملاقة

الحديث السائد هذه الأيام هو عن سياسة إستعمال بيانات المستخدمين التي حاولت شركة فايسبوك فرضها على مستخدمي تطبيق واتساب . 

بالرغم من أن الأمر هو مقلق بعض الشيء لكننا لسنا هنا للتحدث عن هذا الموضوع بالضبط ، لكن أستخدمه كمقدمة لفهم الموضوع بوضوح تام . 

بعد هذا السلوك "العدائي" من شركة فايسبوك و بعد تغريدة من أغنى رجل في العالم "إيلون ماسك" نصح فيها بإستعمال تطبيق Signal كبديل لتطبيق واتساب . تهافت الملايين عبر العالم لتحميل هذا التطبيق و البدء في إستعماله بدل تطبيق واتساب الذي يفرض الموافقة على شروطه الجديدة من أجل الإستمرار في إستخدام التطبيق . 

بالرغم من تحفظي على الطريقة التي جرت بها الأمور و كيف إنساق  عشرات الملايين من الأشخاص عبر العالم وراء تغريدة شخص واحد ، على شاكلة إنسياق مؤيد للرئيس الأمريكي القديم دونالد ترامب وراء تغريداته دون تفكير . لكن النتيجة كانت فعالة ، بحيث أن رحيل عشرات الملايين من المستخدمين عن تطبيق واتساب أرغم شركة فايسبوك و لأول مرة قلتراجع و لو مؤقتا عن أهدافها و قراراتها . 


الآن دعونا نتخيل الحدث الآتي :

- لا يوجد في العالم كله سوى تطبيق واحد للمراسلة الفورية و هو تطبيق واتساب .

هذا الحدث يمثل حالة إحتكار على الصعيد العالمي . و في هذه الحالة لن يكون في إستطاعة المستخدمين تجنب شروط شركة فايسبوك ، و في الغالب سيخضعون لها مرغمين لأنه لا يوجد بديل حقيقي . 

تذكر فقط أنه اليوم و مع علم شركة فايسبوك بوجود تطبيقات منافسة لتطبيق واتسآب قررت فرض شروطها على المستخدمين ، فما بالك لو لم يكن لتطبيق واتسآب أي منافسين.

- الفكرة هي مبدأ المنافسة و سياسة الإحتكار . في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية هناك قوانين صارمة ضد الإحتكار ، فقد تعرضت شركات عديدة للتفكيك بسبب سياستها الاحتكارية و سعيها للاستيلاء على كل شركة صغيرة قد تشكل منافس حقيقي للشركة الأم . 

سنة 2019 أعلنت عضوة مجلس الشيوخ الأمريكي "إليزابيث وارن" أنها و في حالة إنتخابها رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بتفكيك عمالقة صناعة التكنلوجيا. و نتيجة لذلك حظر موقع فايسبوك إعلانات أطلقتها "إليزابيث" هاجمت فيها مجموعة من شركات التكنلوجيا و على رأسها فايسبوك . 

هذه الدعوة ليست سابقة من نوعها، ففي سنة 1998 و على خلفية قضية الإحتكار التي رفعت على شركة مايكروسوفت و المتعلقة بمتصفحات الأنترنت ، كادت شركة مايكروسوفت أن تخضع للتفكيك .  و إذا قارنا درجة الإحتكار الذي توبعت من أجله شركة مايكروسوفت و المتعلقة بفرض تثبيت متصفح إكسبلورر تلقائيا في جميع الحواسيب التي تعمل بنظام ويندوز ، فهو لا شيء أمام الإحتكار التي تمارسه شركة فايسبوك اليوم بعد إستحواذها على تطبيق واتساب  و إنستاغرام بالإضافة إلى موقع فايسبوك و تطبيق ماسنجر. 

شركة غوغل أيضا متهمة بالاحتكار ، فقد تم إثبات تعمد محرك البحث الخاص بشركة غوغل إخفاء أسماء الشركات التي تعرض خدمات منافسة لخدمات شركة غوغل من قائمة النتائج على الصفحة الأولى. و هذا التلاعب ظهر جليا في خدمة البحث و حجز تذاكر الطيران . فبمجرد البحث عن تذاكر الطيران ، سيعرض لك غوغل خدمته المتعلقة بالحجز في السطر الأول بعد الإعلانات و  أحيانا قبلها ، على الرغم من وجود شركات أخرى تعرض نفس الخدمة و بأسعار منافسة . 

و بناء عليه في شهر أكتوبر من سنة 2020 رفعت وزارة العدل الأمريكية دعوى قضائية بتهمة الإحتكار بحق شركة غوغل ، سرعان ما إنضمت إليها 11 ولاية أمريكية و تهدف الدعوة للحد من سيطرت غوغل على البحث عبر الانترنت و كان خيار تفكيك الشركة العملاقة مطروحا على الطاولة . 

الولايات المتحدة الأمريكية تأخذ الموضوع بجدية أكبر بالرغم من أن المشكل عندها محصور تقريبا في عمالقة شركة التكنولوجيا ، لكن في دول غير متقدمة عربية و إفريقية يغرق المستهلك في دوامة الاحتكار حتى في أبسط حاجياته اليومية الأساسية بدأ بالحليب و مرورا ب الإتصالات و شبكات توزيع الكهرباء و الماء الصالح للشرب و القائمة طويلة. 

المستهلك النهائي هو أكبر المتضررين من شبكات الاحتكار و إنعدام المنافسة الحقيقية . ففي بعض دول أمريكا اللاتينية مثلا تجد الشركات المسيطرة على القطاعات الحية معدودة على رؤوس الأصابع و في الغالب هي إما تابعة كليا أو جزئيا لشركات دولية مرتبطة بالتاريخ الاستعماري لهذه الدول .

هذه الشركات تستعمل شبكات الضغط المكونة من المشرعين و المسؤولين الكبار التابعين لها التي مولت حملاتهم الانتخابية سابقا أو ساعدتهم على الحصول على جنسية دول أخرى من أجل إقتراح أو التصديق على  مشاريع قوانين تخدم مصلحهم و تعرقل فتح السوق أمام مستثمرين أجانب قد يشكلون خطرا على مصالحها . 

و أحيانا يتم خداع المستهلك و إيهامه بوجود منافسة حقيقية عن طريق خلق شركات فرعية بأسماء تجارية مختلفة لكنها تابعة للشركة الأم . و أحيانا أخرى حتى في ظل وجود شركات متعددة ، يتم خلق إتفاقيات بين الشركات من أجل التوافق على الأسعار و عروض التخفيض في تواطئ جلي على المستهلك و مصالحه. 

في الوقت التي لا تزال بعض الدول تخضع مواطنيها يوميا للابتزاز من قبل شركات عملاقة تحتكر كل شيء و تفرض سياستها و أثمنتها على المستهلك ، هناك دول تؤمن بحرية المنافسة مع ضمان الحماية للمنتوجات الوطنية . في دولة مثل فرنسا مثلا يمكنك تغيير مزود الكهرباء بخطوات بسيطة كما تغير مزود خدمات الهاتف المحمول . و هناك مستوى لابأس به من حرية الأسعار التي تصب في مصلحة المستهلك . 

محاربة الاحتكار خاصة الأجنبي له فوائد أخرى أكثر أهمية و هي مساعدة الشركات الصغيرة و المتوسطة على النمو . فهذه الشركات هي المحرك الحقيقي للاقتصاد الوطني لكل دولة لأنه يخلق ديمانية صحية للإستثمار و النمو الإقتصادي . لذلك فخنق هذه الشركات و المقاولات الناشئة من طرف شركات عملاقة أجنبية بتواطؤ من المشرعين هو ما يقضي على كل فرص النمو الحقيقية لأي إقتصاد في طور النمو . 

الخلاصة: 

- لن تتقدم أبدا أبدا أبدا أي دولة ما دام مصير إقتصادها ليس بيدها لكن بيد شركات أجنبية . لذلك يجب الإستيقاظ من أحلام اليقظة. 

- يجب منع و تجريم تمويل الأحزاب السياسية من طرف الشركات و منع تولي رجال الأعمال لمناصب سياسية أو حكومية رفيعة ، لأن رجل الأعمال لا ينسى أبدا أنه رجل أعمال و أن هدفه الرئيسي حماية مصالح شركاته و إستثماراته . و سيسعى لتمرير قوانين تصب في مصلحة رجال الأعمال و الشركات لا في مصلحة المواطنين . 

- يجب منع أي شخص مزدوج الجنسية من تولي مناصب حكومية أو سياسية رفيعة . 

- يجب تقوية و دعم الشركات الوطنية الناشئة و حمايتها من الشركات العملاقة ، و تقنين الإستثمارات الأجنبية لتشمل مؤقتا فقط المجالات التي لا تغطيها الشركات الوطنية . و هذا الإختيار يجب أن يكون مبنيا على مصلحة المستهلك فقط و ليس جنسية الشركة الأجنبية. 

- الرسالة القصيرة التي كتبها إيلون ماسك هي دعوة صريحة لمقاطعة تطبيق واتساب و تعويضه بتطبيق signal و لو فعل هذا مواطن في دول غير متقدمة و لا تحترم حرية الإختيار مثلا كوريا الشمالية لتمت محاكمته بتهمة التحريض على المقاطعة بصفتها عملا إجراميا في الدول الغير حرة .

- في ظل تنامي الجمعيات المطالبة بالحريات ، نتمنى أن نسمع جمعيات تطالب بحرية الإقتصاد و الإستقلال الإقتصادي و التخلص من الإستهزاء الأجنبي و ضمان أقصى شروط المنافسة العادلة ، لأن هذه الحريات هي التي تضمن مستوى العيش الكريم للمواطن ، و هذا أهم و أعظم حق في حقوق الإنسان .

تعليقات